أفضل ما يقال في القطاع الرياضي أنه يعيش حالة ضياع رهيبة وقاسية رغم وجود أكثر من مرجعية رياضية، كان الرياضيون قد استبشروا خيرا بها، وظنوا أن وجود هيئات رسمية عليا لإدارة الشؤون الرياضية في لبنان قد ينتشل هذا القطاع نهائيا من حالة الركود والضياع وغيرها من الامور التي حولته احيانا الى بؤر للصراعات والحساسيات، وساحة لتصفية الحسابات والتناحر على المناصب والمراكز في ظل غياب الرقابة والمتابعة ووجود الفلتان الاداري.
لم يتغير شيء على الصعيد الرياضي وبقي الوضع على حاله، ولم يعد هناك رقابة على الاتحادات الرياضية ومحاسبتها على مبدأ الثواب والعقاب، وأصبحنا بحاجة الى من يحاسب بالعدل وحسب الاصول الديمقراطية القاضية بجعل الرجل المناسب في المكان المناسب، بعيدا عن المحسوبيات السياسية والمناطقية والفئوية والمسائل الحساسة التي أدخلت القطاع الرياضي في الزواريب الضيقة والمعقدة والتي اتخذت صفات أخرى مهّدت للبعض بأن يعمل على حسابه الخاص دون حسيب أو رقيب وأن يعبث بلعبته تطبيقا لأهوائه وما يدور في خلده، لذلك تحولت الكثير من الالعاب الى عملية احتكار للبطولات والمسابقات والى وضع القياسات على حجم المسؤولين عنها وطولهم وعرضهم.
طارت اتحادات وحلت اخرى ولم تراع فيها الخبرة الرياضية والمعرفة، ولم يتبدل النمط الذي ساد القطاع خلال الحرب وبعده، اذ كان يكفي هذا البلد الصغير، هيئة رياضية مستقلة تدير القطاع وتكون مسؤولة عن اعمالها امام لجنة تشبه الى حد كبير لجنة الشباب والرياضة في البرلمان، أو مديرية على المستوى الرياضي او مجلساً اعلى للشباب والرياضة أو غيرها من الهيئات الرياضية.
ليس من الصعب ضبط الرياضة اللبنانية وترويض اتحاداتها بالشكل اللازم، وباستطاعة لجنة الشباب والرياضة في البرلمان ان تلعب هذا الدور بالتضامن والتكافل مع الوزارة واللجنة الاولمبية، لإيجاد ارضية صلبة في ضوء الدروس والعبر التي وجدت قبل الحرب حيث لم يكن هناك اي صعوبة لتذليل كل الصعوبات والعقد في ادارة القطاع الرياضي.
كانت الرياضة يومها تقوم على مبادرات فردية.. نجحت على اكثر من صعيد.. كانت كرة القدم بخير والسلة والطائرة وألعاب القوى والمصارعة والملاكمة وغيرها مما تيسر لنا من ألعاب، يومها لم يكن للسياسة في الرياضة أي مكان.. كنا <<زمان>> مولعين بها وبألعابها.. لم نكن نفوّت مناسبة إلا ونتابعها ونعيش فيها رغم ضعف الامكانيات وقلة الموارد.
وللذكرى فقط فإن لاعبي كرة القدم كانوا يبتاعون أحذيتهم من جيبهم الخاص، وكانو يفرحون بها ويحافظون عليها بكل قوتهم، وللتأكيد فقط، اسألوا سمير العدو وعدنان الشرقي وجوكي وأبو طالب وسميح شاتيلا وعبد الرحمن شبارو ويغيش وسمير نصار وميشال سعد ويوسف الغول وشبل هرموش وحسن شاتيلا وطوني جريج وغيرهم من الجيل القديم وأنتم ستعرفون الجواب، ستعرفون ان هؤلاء أصحاب رسالة ليس إلا...
دفعنا الامر الواقع للرياضة اللبنانية كي نترحم عليها، وجعلتنا الذكرى نسترجع ايام ما قبل الحرب.. ايام زمان، ونقول والله زمان.. يا رياضة زمان.. والله زمان...