الحمد لله الذي هدي إلى الإحسان . وجعل كتابه دليلا ً لأهل الإيمان . والصلاة
والسلام على من زانه ربُّـه بالقرآن . وحباه بليلة القدر في رمضان . وعلى آله
وصحبه سادة الأزمان. وعلى من تبعهم من أهل الحق والعرفان .
أخي المسلم:
يا لفرحة المسلمين بتلك الأيام التي تتكرر عليهم في كل عام .. فيحبونها
بأرواحهم وأنفسهم !
أخي:
أليس من النعمة أن تمر بالإنسان في كل عام أيام يحيا فيها مع نفسه حياة تختلف
عن تلك الأيام التي تعودها في بقية أيامه ؟!
أخي:
الفرحة بهذه الأيام الجميلة (أيام شهر رمضان!) إنها فرحة لست خاصة بالكبار
وحدهم بل حتى أولئك الصغار الذين لم يفرض عليهم صيامها يحسون بتلك الفرحة !
أخي:
لابد أن تفهم أن أيام (شهر رمضان) أيام لها طعمها الخاص ! ويومها أخي ستجد طعم
هذه الأيام في مذاقك حلواً .. لذيذاً .. شهياً .. سائغاً ..
أخي:
أيام تتكرر .. وشهور تتوالى .. وسنين تتعاقب .. وفي كلها تجد هذا الشهر المبارك
ينشر عبيره في الأيام .. والشهور .. والسنين .. وإن شئت قل : وفي الإنسان !
أخي:
ذاك هو (شهر رمضان ! ) .. شهر الصبر .. شهر القرآن .. شهر التوبة .. شهر الرحمة
.. شهر الغفران .. شهر الإحسان .. شهر الدعاء .. شهر العتق من النيران ..
أخي ..
هل أعـددت فرحة بقـدوم شهـر القـرآن ؟!
أخي المسلم:
هاهي الأيام تبعث بالبشرى بقدوم الشهر المبارك .. وتنثر بين يديه أنواع الزهور!
لتقول للعباد: أتاكم شهر الرحمة والغفران فماذا أعددتم له ؟!
أخي: هناك وفي مدينة النبي صلى الله عليه وسلم وفي كل عام تزف البشرى لأولئك
الأطهار من الصحابة (رضي الله عنهم) ..
فها هو النبي صلى الله عليه وسلم يزفها ! بشرى إلهية: ((أتاكم رمضان شهر مبارك
فرض الله عز وجل عليكم صيامه ، تفتح فيه أبواب السماء ! وتغلق فيه أبوب الجحيم
! وتغل فيه مردة الشياطين ! لله فيه ليلة خير من ألف شهر ! من حرم خيرها فقد
حرم ! )) رواه النسائي والبيهقي:صحيح الترغيب : 985
قال الإمام ابن رجب ( رحمه الله ) : ( هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم
بعضاً بشهر رمضان ، كيف لا يـبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان ؟!
كيف لا يـبشر المذنب بغلق أبواب النيران ؟! كيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه
الشياطين ؟!)
أخي:
تلك هي البشرى التي عمل لها العاملون.. وشمر لها المشمرون.. وفرح بقدومها
المؤمنون.. أخي: فأين فرحتك ؟! أين ابتسامتك ؟! وأنت ترى الأيام تدنو منك
رويداً .. رويداً .. لتضع بين يديك فرحة كل مسلم (شهر رمضان!)
أخي:
يا له من شهر مبارك .. ومن أجله : (قلوب المتقين إلى هذا الشهر تحن ، ومن ألم
فراقه تئن !) ابن رجب
أخي المسلم:
يا لبشرى المدركين لشهر الغفران ..
يا لبشرى المدركين لشهر الرحمات ..
يا لبشرى المدركين لشهر القرآن ..
يا لبشرى المدركين لموسم الطاعات ..
يا لبشرى المدركين لأيام كساها رب العباد تعالى مهابةً .. وبهاءً .. وجمالاً ..
أخي:
هل علمت أن الصالحين كانوا يدعون الله زماناً طويلاً ليـبلغهم أيام (شهر
رمضان)؟!
قال معلى بن الفضل (رحمه الله) : (كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان !
ثم يدعون ستة أشهر أن يتقبل منهم !).
وقال يحيى بن أبي كثير (رحمه الله) : (كان من دعائهم : اللهم سلمني إلى رمضان ،
وسلم لي رمضان ، وتسلمه من متقبلاً) .
أخي:
وأنت فادع كدعائهم .. وافرح كفرحتهم .. عسى الله أن يشملك بنفحات رمضان ..
فيغفر الله لك ذنبك وتخرج من رمضان وقد أعتقت من النار.
أخي المسلم:
أما خطر ببالك يوماً فضل من أدرك رمضان ؟! أما تفكرت يوماً في عظم ثواب من قدر
الله له إدراك هذا الشهر المبارك ؟!
أخي:
ولتكتمل فرحتك إن كنت من المدركين أتركك مع هذه القصة ..
عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: كان رجلان من بلي من قضاعة أسلما مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم أحدهما وأخر الآخر سنة .
فقال طلحة بن عبيدالله : فرأيت المؤخر منهما ادخل الجنة قبل الشهيد ! فتعجبت
لذلك ! فأصبحت فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم أو ذكر لرسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أليس قد صام بعده رمضان ؟!
وصلى ستة آلاف ركعة؟! وكذا وكذا ركعة صلاة سنة ؟!)) رواه أحمد/ صحيح الترغيب :
365
أخي:
بلغني الله وإياك رمضان سنين عديدة .. وأحيانا به وبالصالحات حياة سعيدة ..
أخي ..
هل أعددت نية صادقة ؟!
أخي المسلم:
هل أعددت نية وعزماً صادقاً بين يدي صومك ؟!
أخي:
هل بحثت في قلبك وأنت تستقبل رمضان ؟! لتعرف عزمه وصدقه ورمضان يطل عليك!
أخي:
كثير أولئك الذين يدخلون في رمضان بغير نية صادقة! ولا أعني نية الصوم ! فهذه
يأتي بها كل صائم .
ولكن أخي هل عزمت على نية إخلاص الصوم ، وصدق العبادة في هذا الشهر المبارك ؟!
أخي:
هل استحضرت هذا العزم القوي قبل صومك ؟!
أخي:
تفكيرك في مصاريف رمضان وإعدادك لما يلزم من طعام يشاركك فيه الكثيرون !
ولكن أخي إعدادك لغذاء الروح وتفكيرك في تطهير وتزكية نفسك والإقبال على الله
تعالى في هذا الشهر المبارك ، هذا هو الإعداد النافع لاستقبال شهر رمضان !
أخي:
أترى هل يستوي من أحضر مثل هذا العزم وآخر لم يحضره ؟!
وإذا أرت أخي أن تعرف الفرق بين العزمين فقف معي أخي عند قوله صلى الله عليه
وسلم : ((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ! ومن قام
ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه!)) رواه البخاري ومسلم
قال الإمام ابن رجب : ( فإذا اشتد توقان النفس إلى ما تشتهيه مع قدرتها عليه ،
ثم تركته لله عز وجل في موضع لا يطلع عليه إلا الله ! كان ذلك دليلاً على صحة
الإيمان .)
أخي: هيئ الإخلاص الصادق والعزم الأكيد وأنت تستقبل شهر صومك ..وهيئ العزم
الصادق ليوم فطرك ..
أخي:
وأصدق عزم وإخلاص تعده لصومك .. عزمك على فعل الطاعات .. واستقبال شهر صومك
بالتوبة النصوح .. وعزمك على التوقيع على صفحة بيضاء نقية لتملأها بأعمال صالحة
.. صافية من شوائب المعاصي .. تشبه صفاء ونصاعة هذا الشهر المبارك (شهر رمضان)
وأما عزمك الصادق ليوم فطرك ! فهو أن تعقد العزم الأكيد على المداومة على
الأعمال الصالحة التي وفقك الله تعالى لأدائها في شهر الرحمة .. والبركات ..
(رمضان).
أخي:
إذا استقبلت شهر صومك .. تائباً .. منيباً .. عازماً على فعل الصالحات ..
واستقبلت يوم فطرك .. عازماً على مواصلة المشوار في ذلك الطريق الطاهر .. فأنت
يومها الفائز حقاً بثمرة الصوم .. ونفحات هذا الشهر المبارك !
أخي:
إعداد القلب إعداد كاملاً لاستقبال شهر رمضان إلا بقلب صاف وإخلاص لله تعالى في
تجريد العبادة له تبارك وتعالى .. { قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين}
[الزمر]
أخي:
رزقني الله وإياك الإخلاص في القول والعمل .. وجعلني وإياك من أهل الصدق في
المغيب والمحضر ..